الكلمة

مخافة الرب (PDF) هذا المقال على نسخة PDF

مخافة الرب



أود أن أبدأ هذا المقال بطريقة مختلفة عن العادة و عوضا أن أقول أي شيء ﺂخر، سوف أعطي عدة فقرات من الكتاب المقدس التي تتكلم عن مخافة الرب و وعود الله المتعلقة به. الرجاء أن تقرأوا بكل ﺈنتباه:

مزمور ٣٤: ٩
"اتَّقُوا الرَّبَّ يَا قِدِّيسِيهِ، لأَنَّهُ لَيْسَ عَوَزٌ لِمُتَّقِيهِ."

مزمور ٣٤:۷
"مَلاَكُ الرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ، وَيُنَجِّيهِمْ."

مزمور 112 :1-٢
"هَلِّلُويَا. طُوبَى لِلرَّجُلِ الْمُتَّقِي الرَّبَّ، الْمَسْرُورِ جِدًّا بِوَصَايَاهُ. نَسْلُهُ يَكُونُ قَوِيًّا فِي الأَرْضِ. جِيلُ الْمُسْتَقِيمِينَ يُبَارَكُ."

مزمور ٢٥ :12
"مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الْخَائِفُ الرَّبَّ؟ يُعَلِّمُهُ طَرِيقًا يَخْتَارُهُ."

مزمور ٢٥: 14
"سِرُّ الرَّبِّ لِخَائِفِيهِ، وَعَهْدُهُ لِتَعْلِيمِهِمْ."

مزمور 31:٩ا
"مَا أَعْظَمَ جُودَكَ الَّذِي ذَخَرْتَهُ لِخَائِفِيكَ، وَفَعَلْتَهُ لِلْمُتَّكِلِينَ عَلَيْكَ تُجَاهَ بَنِي الْبَشَرِ!"

مزمور ٣٣: 18
"هُوَذَا عَيْنُ الرَّبِّ عَلَى خَائِفِيهِ الرَّاجِينَ رَحْمَتَهُ"

مزمور ٨٥: ٩
"لأَنَّ خَلاَصَهُ قَرِيبٌ مِنْ خَائِفِيهِ، لِيَسْكُنَ الْمَجْدُ فِي أَرْضِنَا."

مزمور 103: 11
"لأَنَّهُ مِثْلُ ارْتِفَاعِ السَّمَاوَاتِ فَوْقَ الأَرْضِ قَوِيَتْ رَحْمَتُهُ عَلَى خَائِفِيهِ."

مزمور103 : 13
"كَمَا يَتَرَأَفُ الأَبُ عَلَى الْبَنِينَ يَتَرَأَفُ الرَّبُّ عَلَى خَائِفِيهِ."

مزمور 103 : 17
"أَمَّا رَحْمَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ عَلَى خَائِفِيهِ، وَعَدْلُهُ عَلَى بَنِي الْبَنِينَ."

مزمور111 : ٤-٥
"صَنَعَ ذِكْرًا لِعَجَائِبِهِ. حَنَّانٌ وَرَحِيمٌ هُوَ الرَّبُّ. أَعْطَى خَائِفِيه طَعَامًا. يَذْكُرُ إِلَى الأَبَدِ عَهْدَهُ."

مزمور 115 : 13
"يُبَارِكُ مُتَّقِي الرَّبِّ، الصِّغَارَ مَعَ الْكِبَارِ"

مزمور 128: 1 – ٤
"طُوبَى لِكُلِّ مَنْ يَتَّقِي الرَّبَّ، وَيَسْلُكُ فِي طُرُقِهِ. لأَنَّكَ تَأْكُلُ تَعَبَ يَدَيْكَ، طُوبَاكَ وَخَيْرٌ لَكَ. امْرَأَتُكَ مِثْلُ كَرْمَةٍ مُثْمِرَةٍ فِي جَوَانِبِ بَيْتِكَ. بَنُوكَ مِثْلُ غُرُوسِ الزَّيْتُونِ حَوْلَ مَائِدَتِكَ. هكَذَا يُبَارَكُ الرَّجُلُ الْمُتَّقِي الرَّبَّ."

مزمور 145: 19
"يَعْمَلُ رِضَى خَائِفِيه، وَيَسْمَعُ تَضَرُّعَهُمْ، فَيُخَلِّصُهُمْ."

أمثال 10 : ٢۷
"مَخَافَةُ الرَّبِّ تَزِيدُ الأَيَّامَ"

أمثال 14: ٢٦
"فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ ثِقَةٌ شَدِيدَةٌ، وَيَكُونُ لِبَنِيهِ مَلْجَأٌ."

أمثال 14: ٢۷
"مَخَافَةُ الرَّبِّ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ لِلْحَيَدَانِ عَنْ أَشْرَاكِ الْمَوْتِ."

أمثال 15 : ٣٣
"مَخَافَةُ الرَّبِّ أَدَبُ حِكْمَةٍ، وَقَبْلَ الْكَرَامَةِ التَّوَاضُعُ."

أمثال 16: ٦
"بِالرَّحْمَةِ وَالْحَقِّ يُسْتَرُ الإِثْمُ، وَفِي مَخَافَةِ الرَّبِّ الْحَيَدَانُ عَنِ الشَّرِّ."

أمثال 19: ٢٣
"مَخَافَةُ الرَّبِّ لِلْحَيَاةِ. يَبِيتُ شَبْعَانَ لاَ يَتَعَهَّدُهُ شَرٌّ."

أمثال ٢٢ : ٤
"ثَوَابُ التَّوَاضُعِ ومَخَافَةِ الرَّبِّ هُوَ غِنًى وَكَرَامَةٌ وَحَيَاةٌ."

أمثال ٢٣ : 17
" بَلْ كُنْ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ الْيَوْمَ كُلَّهُ."

الجامعة ٨ : 12 – 13
"اَلْخَاطِئُ وَإِنْ عَمِلَ شَرًّا مِئَةَ مَرَّةٍ وَطَالَتْ أَيَّامُهُ، إِلاَّ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ يَكُونُ خَيْرٌ لِلْمُتَّقِينَ اللهَ الَّذِينَ يَخَافُونَ قُدَّامَهُ. وَلاَ يَكُونُ خَيْرٌ لِلشِّرِّيرِ، وَكَالظِّلِّ لاَ يُطِيلُ أَيَّامَهُ لأَنَّهُ لاَ يَخْشَى قُدَّامَ اللهِ."

الجامعة 12 : 13 – 14
"فَلْنَسْمَعْ خِتَامَ الأَمْرِ كُلِّهِ: اتَّقِ اللهَ وَاحْفَظْ وَصَايَاهُ، لأَنَّ هذَا هُوَ الإِنْسَانُ كُلُّهُ."

من الواضح مما سبق أننا نتعامل مع موضوع مهم جدا. ما هي مخافة الرب التي نراها في كل الفقرات التي رأيناها قبلا؟ ماذا تعني "مخافة الرب"؟ هل هذا يعني أن نخاف أو نرتعب من فكرة الله؟ هل من الممكن أن يكون موضوع "مخافة الرب" غير ساري اليوم ﻷن اليوم نحن أولاد الله؟ و علاوة على ذلك ألا تقول لنا يوحنا الأولي أن لا خوف في المحبة؟ هل من الممكن أن تكون "مخافة الرب" هذه هي شيء للعهد القديم فقط؟ هدف هذا المقال هو الجواب عن هذه اﻷسئلة.

1. مخافة الرب : ليست ﺈحترام بسيط فقط ولكنها ليست رعباِ أيضا

حسب خلفية كل شخص، البعض يعتقد أن مخافة الرب هو نوع من الرعب، أن تكون خائفاً من الله. و البعض اﻵخر يعتقد أنه ﺈحترام بسيط، مثلا ﮐﺈحترامهم لزملائهم أو ... أنهم لا يفهمون المعنى إطلاقاً إذ يعتقدون أنه غير مناسب لعصر النعمة الحالي. انا لا أعتقد أن أياً من هذه اﻵراء صحيحة. بدئاً من اﻹحترام البسيط : اﻹحترام الموجود بين اﻷناس المتساويين ليس مثل اﻹحترام ﻟﻷعظم. في المملكة، لا يحترم المرؤوس مَلِكَه كما يحترم زملائه. حتى لو كان الشخص لديه الجرأة الكاملة أمام العرش، كما نحن أيضاً لدينا ، من خلال دم المسيح، أمام عرش الله، حتي وإن كان ابن الملك، كما نحن أيضاً من خلال اﻹيمان، هو لا يزال مرؤوس أمام الملك.و ككل ملك ، فاﻹحترام العميق مطلوب. ناهيك عن ملك الملوك فالاحترام العميق واجب . أو بكلمات أخرى، فحقيقة أننا أولاد الملك هذا لا يلغي الخوف، اﻹحترام العميق المطلوب للملك، للأعظم ،و لا يتحول أيضا ﺈلى ﺈحترام بسيط، ﮐﺈحترام المتساويين.

من ناحية أخري، ﺈبن الملك لا يتقرب من الملك كما يتقرب الغريب منه. ﺈبن الملك يتقرب من الملك ليس بالرعب وإنما بالجرأة و الثقة، عالما ﺑأنه يتكلم ﺈلى أبيه المحب. و في الوقت نفسه و كما قلنا سابقا، يتقرب منه بكل اﻹحترام العميق، عالما ﺑأنه لا يتقرب من زميل بل من أبيه، والذي في الوقت نفسه هو اﻷعظم، رب اﻷرباب و ملك الملوك. بمعنى آخر، حقيقة أننا أولاد الملك تعني أيضاً أن مخافة الرب لا يجب أن تُفهم كرعب، كما أن تكون خائفاً من الملك. عوضا عن ذلك يجب أن نفهم أنه أعظم و أعمق ﺈحترام من اﻷولاد تجاه أباهم المحب، الذي هو في الوقت نفسه خالق كل شيء، و هو اﻷعظم.

بعدما وضحنا الفكرة أعلاه، لنري الآن فقرات تشير ﺈلى عظمة الرب و مصحوبة بمخافة الرب. أنا أستعمل هذه الفقرات إشارة لعظمة وسمو الله و ليس لأقول أن المسيحيين يجب أن يخافوا و يرتعبوا من الله. كما قلنا سابقا و كما سنرى لاحقا أن مخافة الرب لا تعني الخوف من الرب. أنا أعتقد في عصرنا هذا، عندما سد يسوع المسيح الفجوة بين الله و اﻹنسان، أن مخافة الرب تعني التقرب منه ﮐأب ( بكل جرأة و بدون الخوف منه) و ﮐأعظم واحد (بكل الاحترام العميق). عودة إلي الفقرات التي ذكرناها سابقاً , بئاً من ارميا 10 : ٦-٧ :

أرميا 10 : ٦-٧
"لاَ مِثْلَ لَكَ يَا رَبُّ! عَظِيمٌ أَنْتَ، وَعَظِيمٌ اسْمُكَ فِي الْجَبَرُوتِ. مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَا مَلِكَ الشُّعُوبِ؟"

و رؤيا ١٥ : ٤
"مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَا رَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ؟"

و أرميا ٥ : ٢٢-٢٤
"أَإِيَّايَ لاَ تَخْشَوْنَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَوَلاَ تَرْتَعِدُونَ مِنْ وَجْهِي؟ أَنَا الَّذِي وَضَعْتُ الرَّمْلَ تُخُومًا لِلْبَحْرِ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً لاَ يَتَعَدَّاهَا، فَتَتَلاَطَمُ وَلاَ تَسْتَطِيعُ، وَتَعِجُّ أَمْوَاجُهُ وَلاَ تَتَجَاوَزُهَا. وَصَارَ لِهذَا الشَّعْبِ قَلْبٌ عَاصٍ وَمُتَمَرِّدٌ. عَصَوْا وَمَضَوْا. وَلَمْ يَقُولُوا بِقُلُوبِهِمْ: لِنَخَفِ الرَّبَّ إلهَنَا الَّذِي يُعْطِي الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ فِي وَقْتِهِ. يَحْفَظُ لَنَا أَسَابِيعَ الْحَصَادِ الْمَفْرُوضَةَ."

مزمور ٣٣ : ٦-٩
"بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ، وَبِنَسَمَةِ فِيهِ كُلُّ جُنُودِهَا. يَجْمَعُ كَنَدٍّ أَمْوَاهَ الْيَمِّ. يَجْعَلُ اللُّجَجَ فِي أَهْرَاءٍ. لِتَخْشَ الرَّبَّ كُلُّ الأَرْضِ، وَمِنْهُ لِيَخَفْ كُلُّ سُكَّانِ الْمَسْكُونَةِ. لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ."

الله خلقنا و خلق الكون كله. كل شيئ، ما يُرَى و ما لا يُرَى، صُنِع بيديه. هو أبانا و ربنا. هو اﻷعظم. معرفة الكتاب المقدس بدون خوف، باﻹحترام العميق لله العظيم , هي قمة كل المعارف والتي ستؤدي حتماَ ﺈلى الافتخار ( كورنثوس الأولي ٨ : ١) . و كما تقول لنا اﻷمثال :

أمثال ٢ : ١ – ٥
"يَا ابْنِي، إِنْ قَبِلْتَ كَلاَمِي وَخَبَّأْتَ وَصَايَايَ عِنْدَكَ، حَتَّى تُمِيلَ أُذْنَكَ إِلَى الْحِكْمَةِ، وَتُعَطِّفَ قَلْبَكَ عَلَى الْفَهْمِ، إِنْ دَعَوْتَ الْمَعْرِفَةَ، وَرَفَعْتَ صَوْتَكَ إِلَى الْفَهْمِ، إِنْ طَلَبْتَهَا كَالْفِضَّةِ، وَبَحَثْتَ عَنْهَا كَالْكُنُوزِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ الرَّبِّ، وَتَجِدُ مَعْرِفَةَ اللهِ."

سنفهم مخافة الرب فقط عندما نخزن كلمة الله داخلنا و في حال أصبحت جزء من قلبنا. في حال ليس لدينا اﻹحترام العميق ﻟﻷعظم، عندها كل معرفة من الكتاب المقدس ستبقى في الرأس فقط، ﺈﻻ طبعا ﺈذا خزناها في قلوبنا بدلاً من رأسنا، فلن تثمر و ستؤدي ﺈلى الكرامة.

٢. الجرأة و مخافة الرب في العهد الجديد

لدى البعض ﺈعتقاداً، ضمنيا أو صراحة، بأن مخافة الرب قد أُوقفت بطريقة أو بأخري بعمل الرب يسوع المسيح. و لكني لا أعتقد أن هذا صحيح. لنر فقرات من العهد الجديد تتكلم عن مخافة الرب:

أعمال ٩ : ا٣
"وَأَمَّا الْكَنَائِسُ فِي جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْجَلِيلِ وَالسَّامِرَةِ فَكَانَ لَهَا سَلاَمٌ، وَكَانَتْ تُبْنَى وَتَسِيرُ فِي خَوْفِ الرَّبِّ، وَبِتَعْزِيَةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ كَانَتْ تَتَكَاثَرُ."

بطرس الاولي ٢ :17
"أَكْرِمُوا الْجَمِيعَ. أَحِبُّوا الإِخْوَةَ. خَافُوا اللهَ."

كورنثوس الثانية ٧ : 1
"فَإِذْ لَنَا هذِهِ الْمَوَاعِيدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ لِنُطَهِّرْ ذَوَاتِنَا مِنْ كُلِّ دَنَسِ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ، مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ."

كولوسي ٣ : ٢٢
"أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ سَادَتَكُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ، لاَ بِخِدْمَةِ الْعَيْنِ كَمَنْ يُرْضِي النَّاسَ، بَلْ بِبَسَاطَةِ الْقَلْبِ، خَائِفِينَ الرَّبَّ."

كورنيليوس هو أول شخص غير يهودي يتم التبشير باﻹنجيل في منزله، كان ﺈنسان يخاف الله. و كما تقول لنا اﻷعمال 10 :1-٢ :

أعمال 10 : 1-٢
"وَكَانَ فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ اسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ، قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ الْكَتِيبَةِ الَّتِي تُدْعَى الإِيطَالِيَّةَ. وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ."

و كما قال بطرس في اﻷعمال 10 : ٣٤-٣٥

أعمال 10 : ٣٤-٣٥
"فَفَتَحَ بُطْرُسُ فَاهُ وَقَالَ:«بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ."

كما نرى مخافة الله موجودة أيضا في العهد الجديد. و لكن في الوقت نفسه كما أعتقد و ذكرت قبلا ﺑأنه يوجد فرق واسع بين العهد القديم و العهد الجديد. هذا يرجع إلي حقيقة أنه قد أصبح متاحاً الآن ، نتيجة عمل الرب يسوع المسيح، علاقة مختلفة جداً مع الله. يجب أن تؤخذ بعين اﻹعتبار هذه العلاقة المختلفة عندما نحاول فهم معنى مخافة الله. ﻟﻨأخذ المثل الذي ذكرناه قبلا، ﺑأنه يوجد فرق واسع بين مواطني المملكة و هم ليسوا سوى غرباء و بين مواطنين آخرين و هم أولاد الملك. الغرباء و اﻷولاد لا يتقربون من الملك بالطريقة نفسها. يتقرب الغرباء من الملك برعب و ذلك ﻷنه صاحب الجلالة و بسبب عدم وجود أية علاقة معه سوي علاقة الرعية بالراعي. أما هذا فهو غير صحيح مع اﻷولاد. يتقرب اﻷولاد من اﻷب بكل جرأة، من دون خوف، كعندما يتقرب اﻷطفال من أبيهم المحب. هذا ما يقول لنا الكتاب المقدس للتقرب من العرش:

العبرانيين ٤ : 14-16
"فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ. لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ."

نتقدم ﺈلى عرش النعمة بكل ثقة. هذا ليس بسببنا و لكن بسبب الرب يسوع المسيح، الذي سد الفجوة بيننا و بين الله و جعل ذلك ممكنا لكل من آمن ﺑأنه ﺈبن الله لنصبح أولاد الله (يوحنا الأولي ٥ :1). و تقول لنا أيضا يوحنا الأولي ٤ : 17- 19:

"لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ. نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً."

ﺈذا أحببنا الله، فلن نخاف منه، فالخوف و الحب لا يسيران جنبا ﺈلى جنب. وفي الوقت نفسه و أكرر ﺑأن هذا لا يعني أنه من الصحيح التقرب من الله بالطريقة نفسها التي نتقرب بها من المتساويين، ربما مع اﻹحترام البسيط و من دون إدراك عظمة من نتقرب منه. و لمرة أخرى فهذا ليس رعب و لا خوف منه. ﺈذا كان رعباً فهذا يعني أننا لا نحبه كما ينبغي لنا، إذ لا مكان للخوف في الحب. عوضا عن ذلك، كما قلنا: مخافة الرب يعني التقرب منه ﻛأب ( بكل جرأة و بدون الخوف منه) و كاﻷعظم( بكل الاحترام العميق).

٣ . مخافة الرب: العمل على وصيته

كل ما رأينا أعلاه مع خطوة واحدة ﺈلى اﻷمام، في الحقيقة لا أعرف كيف يستطيع شخص ما المشي في ﺈرادة الرب بينما ليس لديه مخافة الله و كيف يستطيع الشخص ان يخاف الله إذا لم يعمل وصيته.فمخافة الرب تعني إذن أن نعمل وصيته. القصد من هذا هو ﺈتخاذ خطوة اﻹيمان كما قال لنا الله حتى ﺈذا لم نفهم كيف تحصل هذه اﻷشياء و لم نر الصورة بكاملها. هؤلاء من في داخلهم مخافة الله يريدون العمل على وصية الله. لهؤلاء كلام اﻷب له قيمة كبيرة و غير قابل للتفاوض و هذا ﻷنه جاء من فم الرب. مخافة الرب، اﻹحترام العميق للرب و ﺈرادته، طاعة الرب و ﺈرادته يمشون جنبا ﺈلى جنب. في الواقع تخيل أطفالاً عصاة.هل ستقول أن هؤلاء اﻷطفال يحترمون أباهم؟ قد يتقربون من اﻷب للحصول على أشياء و لكن في الحقيقة هم لا يحبونه و لا يحترمونه. ﺈذا أحبوه سيخزنون وصيته في قلوبهم و يتممون ﺈرادته. ﻟﻷسف يوجد بعض المسيحيون هكذا: يترددون ﺈلى الله فقط عند الحاجة الكبيرة بينما معظم الوقت يعيشون تماما كالعالم. من الواضح أن هذا يجب أن يتغير. يجب علينا أن نعميق علاقتنا مع الله عوضا عن التقرب ﺈليه بهذه الطريقة، طالبين أولا ملكوت الله و بره و هذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَنا( متى ٦ : ٣٣). و كما قال أهل فيلبي عن مثالنا في ٢ : ٥ -11 ، أن الرب يسوع المسيح:

أهل فيلبي ٢ : ٥ -11
"فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ."

يقول اﻹنجيل، دعوا الفكر نفسه يكون فينا، كما كان في الرب يسوع المسيح. ماذا كان هذا الفكر؟ هذا كان فكر الطاعة حتى الموت. هذا كان فكر "لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ"(لوقا ٢٢ :٤٢).

ما أريد أن أقول مع ما ورد أعلاه هو ﺑأننا لا نستطيع أن نخاف الله في حال لم نعمل على وصيته. بل هو في الواقع نفس محبة الرب. كما قال:

يوحنا 14: ٢٣-٢٤
"إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً. اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كَلاَمِي. وَالْكَلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي."

لا نستطيع القول ﺑأننا نحب الله في حال لا نفعل ما يقول. أعتقد أيضا أننا لا نستطيع القول ﺑأننا نخاف الله ما دمنا ما دمنا لا نعمل وصيته.

ﻹختتام هذا القسم، فمخافة الرب تعني ﺈطاعة الرب. تعني أن نحفظ الله و ﺈرادته مهما كان الثمن. و هذا ما يعني في عبارة واحدة: عقد الله ومشيئته على أعلى تقدير.

٤. الخلاصة

بدأنا هذا المقال موضحين بركات مخافة الرب. فعلا ﺈنه من الصعب جدا وجود موضوع آخر في اﻹنجيل يتضمن وعود كثيرة مثل هذا: حياة طويلة، ﺈزدهار، خلاص، و وعود أخرى كثيرة ترافق هؤلاء الذين يخافون الله.

بعدها حاولنا تعريف مخافة الرب موضحين ﺑأنه ليس ﺈحتراما بسيطا، كاﻹحترام الذي يظهره المتساويون لبعضهم البعض، و لا يعني أيضا الخوف من الله و لا الرعب منه. بالعكس مخافة الرب هو ﺈحترام عميق جدا ﺈلى اﻷب، الله، الرب و خالق كل شيء.

ووضحنا أخيرا ﺑأنه لا يوجد خوف من الله من دون العمل على وصيته. أو بكلمات أخرى من يخاف الله يعمل على وصيته و لكن من لا يخاف منه، و يريد ﺈشباع غرائزه، قد لا يعمل على وصيته،أو يعملها متي يحلو له حسب الظروف.

ﻹختتام هذا المقال لنستمع بكل ﺈنتباه ﺈلى تعليمات الجامعة:

الجامعة 12 : 13-14
"فَلْنَسْمَعْ خِتَامَ الأَمْرِ كُلِّهِ: اتَّقِ اللهَ وَاحْفَظْ وَصَايَاهُ، لأَنَّ هذَا هُوَ الإِنْسَانُ كُلُّهُ."

تاسوس كيولاشوجلو