الكلمة

الروح القدس قبل وبعد يوم الخمسين (PDF) هذا المقال على نسخة PDF

الروح القدس قبل وبعد يوم الخمسين



رأينا في مقال "جسد، نفس وروح" ان آدم قد خُلِقَ في الأصل كجسد ونفس وروح وأنه عندما أكل من شجرة معرفة الخير والشر فقد روحه. فلم يعد الله قادراً على التواصل معه لأن آدم لم يعد لديه المُستَقبِل اللازم لذلك، أي الروح. في هذا المقال سوف ندرس توافر الروح قبل وبعد يوم الخمسين.

1. الروح القدس قبل الخمسين

حيث أن الروح لم تكن متاحة بعد سقوط آدم، فما كان يحدث أثناء تلك الفترة هو أن الله كان يضع روحه على هؤلاء الذين أراد أن يتواصل معهم. هذا لا يعني أن الروح كانت متاحة. من سفر التكوين إلى أعمال الرسل، لم يُذكر أي شيء عن كيفية استقبال الروح، للسبب البسيط وهو أنها لم تكن متاحة1. تخبرنا يوحنا 7: 37- 39 بالآتي:

يوحنا 7: 37- 39
" وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلاً:"إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ". قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ."

وفقاً لهذه الفقرة، فالروح القدس لم تكن متاحة في الوقت الذي قال فيه يسوع المسيح هذه الكلمات وبالطبع لم تكن متاحة قبل ذلك الوقت كذلك. لقد أصبحت متاحة في يوم الخمسين. أثناء كل هذه الفقرة (منذ سقوط آدم وحتى يوم الخمسين) إذا أراد الله أن يتواصل مع أحد، كان يضع روحه عليه . دعونا نرى بعض الأمثلة المتعلقة بهذه النقطة من العهد القديم، بدءاً من سفر العدد 11: 16- 17. وفقاً للكتاب المقدس، اراد موسى وجود المعاونين من أجل حكم شعب إسرائيل وأجاب الله طلبه في الآيات 16- 17:

سفر العدد 11: 16- 17
" فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: "اجْمَعْ إِلَيَّ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ شُيُوخُ الشَّعْبِ وَعُرَفَاؤُهُ، وَأَقْبِلْ بِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ فَيَقِفُوا هُنَاكَ مَعَكَ. فَأَنْزِلَ أَنَا وَأَتَكَلَّمَ مَعَكَ هُنَاكَ، وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ، فَيَحْمِلُونَ مَعَكَ ثِقْلَ الشَّعْبِ، فَلاَ تَحْمِلُ أَنْتَ وَحْدَكَ."

يتضح من تلك الفقرة أنه قد كانت لموسى روح وأنها كانت عليه. ومن المهم أن نشير إلى شيئين هنا: أولاً أن الروح لم تكن في موسى، وإنما كانت عليه. وثانياً، حقيقة أن موسى كانت عليه الروح لم تكن بسبب أنه قرر أن تصبح لديه الروح. حتى وإن كان قد قرر أن تصبح لديه الروح، فلم يكن هناك ما يضمن امتلاكه لها، للسبب البسيط وهو أن الروح لم تكن متاحة. في الحقيقة، الله هو من قرر أن يضع روحه على موسى وليس العكس. ونفس الشيء بالنسبة للرجال السبعين كذلك: حلَّت روح الله عليهم، ليس بسبب أنهم قرروا أن يستقبلوها بل لأن الله وضعها عليهم لكي يجعل التواصل معهم ممكناً. هناك فقرات أخرى في العهد القديم فيما يتعلق بوضع الله لروحه على الناس:

القضاة 3: 9- 10
" وَصَرَخَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ، فَأَقَامَ الرَّبُّ مُخَلِّصًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَخَلَّصَهُمْ، عُثْنِيئِيلَ بْنَ قَنَازَ أَخَا كَالِبَ الأَصْغَرَ. فَكَانَ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، وَقَضَى لإِسْرَائِيلَ. وَخَرَجَ لِلْحَرْبِ فَدَفَعَ الرَّبُّ لِيَدِهِ كُوشَانَ رِشَعْتَايِمَ مَلِكَ أَرَامَ، وَاعْتَزَّتْ يَدُهُ عَلَى كُوشَانِ رِشَعْتَايِمَ."

هل كانت لعثنيئيل الروح قبل ذلك؟ لا، بل وضعها الله عليه لأنه كان قاض إسرائيل و أراد الله أن يتواصل معه. دعونا نرى مثالاً آخر:

قضاة 6: 33- 34
" وَاجْتَمَعَ جَمِيعُ الْمِدْيَانِيِّينَ وَالْعَمَالِقَةِ وَبَنِي الْمَشْرِقِ مَعًا وَعَبَرُوا وَنَزَلُوا فِي وَادِي يِزْرَعِيلَ. وَلَبِسَ رُوحُ الرَّبِّ جِدْعُونَ فَضَرَبَ بِالْبُوقِ [لجمع شعب إسرائيل من أجل الحرب ] ، فَاجْتَمَعَ أَبِيعَزَرُ وَرَاءَهُ."

هل كانت لجدعون أي روح من قبل؟ لا. هل جدعون هو من استقبل الروح من الله أم أن الله هو من ألبس جدعون الروح؟ لاستقبال شيء لابد وأن يكون هذا الشيء متاحاً والروح لم تكن متاحة بعد سقوط آدم. إذاً فقد كان الله هو من اختار أن يُلبِس جدعون الروح لأن جدعون كان قاض إسرائيل في ذلك الوقت وأراد الله أن يتواصل معه. هناك العديد من الأمثلة المشابهة في العهد القديم. أيضاً إذا قمنا بدراسة حالة شاول، أول ملوك إسرائيل، يمكن أن نرى أنه عندما عصى الله، انفصلت عنه روح الله التي كانت عليه (أنظر صموئيل الأولى 15: 26 و 16: 14).

للتلخيص: كان آدم وحواء في الأصل جسد ونفس وروح. ولكنهما فقدا الروح يوم أكلا من شجرة معرفة الخير والشر. فالموت هو فقدان الحياه. لهذا السبب قد ماتوا في ذلك اليوم، تماماً كما قال الله، كما تبع ذلك موتهم الجسدي. منذ ذلك الحين أصبحت الروح غير متاحة. ومن ناحية أخرى، لكي يتمكن الله من التواصل مع الشعب، ينبغي أن تكون لديهم الروح. ولهذا السبب، أثناء تلك الفترة، كان على الله أن يضع روحه على أناس معينين من اختياره.

على سبيل المثال، كل الأنبياء كانت عليهم روح الله. وضعها الله عليهم لإعطائهم الوحي. ومن ثم، بالنسبة للفترة ما قبل يوم الخمسين يجب ملاحظة ثلاثة أشياء:

1. أن الروح القدس لم تكن متاحة.

2. وضع الله روحه على هؤلاء الذين كان يريد التواصل معهم.

3. أنهم يستطيعون أن يفقدوا الروح، مما يعني أن امتلاكهم للروح كان مشروطاً.

2. منذ يوم الخمسين: أصبحت الروح متاحة مرة أخرى

كما رأينا الحال الذي كان سائداً قبل يوم الخمسين، فحان الوقت الآن لنرى ماذا حدث بعد يوم الخمسين.

1.2) وُلِدَ من فوق:

قبل أي شيء، دعونا نذهب إلى البشائر لنرى بعضاً مما قاله يسوع هناك. يجب أن نتفهم أثناء قراءتنا لتلك الكلمات أنه -إذ أننا قد رأينا من قبل في يوحنا 7: 37- 39- في الوقت الذي كان فيه يسوع المسيح على الأرض، لم تتح الروح القدس بعد. إذاً، فمهما رأينا في البشائر عن الروح فهو يشير بشكل تنبؤي إلى الوقت الذي ستكون فيه الروح متاحة. بتفهم هذا، دعونا نلقي نظرة على يوحنا 3: 1- 6:

يوحنا 3: 1- 6
" كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ، رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. هذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ:"يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ". أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:"الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ [وفقاً للنص اليوناني]لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ". "

وفقاً ليسوع المسيح لا يستطيع أحد أن يدخل ملكوت الله ما لم يولد من فوق. في الغالب هذا كاقياً لحل العديد من الخلافات والتكهنات عن كيفية الوصول إلى ملكوت الله. والجواب بسيط: لابد وأن يولد من فوق. والآن، ماذا تعني جملة " مولود من فوق" ؟ الولادة الوحيدة التي يعرفها معظمنا هي الولادة الطبيعية. ومن ثم، يقول لنا يسوع المسيح هنا أن هناك ولادة أخرى وتلك الولادة هي التصريح لكل إنسان لكي " يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ" . قد ترد إلى عقولنا الأسئلة الآتية: " كيف تكون تلك الولادة؟ " ، من هو أب هذه الولادة؟"، " ما الذي سنناله من هذه الولادة؟". كيف سنجيب عن هذه الأسئلة؟ الإجابة عنها تكون بالذهاب إلى الكتاب المقدس وإتاحة الفرصة له ليفسر نفسه. لذا دعونا نرى ما يقول:

يوحنا 3: 4- 5
" قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ:"كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟" أَجَابَ يَسُوعُ:"الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ."

يشرح لنا يسوع المسيح في هذه الفقرة أنه لكي يتمكن الإنسان من دخول ملكوت الله يجب عليه أن يولد من الماء والروح. وأن يولد من الماء تعني الولادة الأولى. وبدون الولادة الأولى، كيف تستطيع أن تولد ثانية؟ يقول لنا أيضاً أن الإنسان لابد وأن يولد من الروح. كلمة "الروح" لها عدة استخدامات في الكتاب المقدس. ومع ذلك، فمعظم الاستخدامات تشير إلى أن الله هو الروح (يوحنا 4: 24 " اَللهُ رُوحٌ " ) أو إلى الروح التي يمنحها الله. في الفقرة السابقة "مولود من الروح" تعني مولود من الله، الذي هو الروح. في الولادة الأولى، ولدنا "من الماء2" . في الولادة الثانية، وُلِدْنَا من الروح أي من الله، الذي هو روح. أنه في هذه الولادة الثانية نولد من الله كما هو واضح أيضاً في الآية 6 و حيث نتعلم أيضاً ما الذي نناله من هذه الولادة:

يوحنا 3: 6
" اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ."

مرة أخرى تم الجمع بين الولادتين في جملة واحدة ولكن الهدف هذه المرة هو لتوضيحهما ولإظهار الفرق الكبير بينهما. من الولادة الأولى تنال ما لوالديك أي الجسد والدم . وبالمثل، فمن الولادة الثانية تنال ما لأبيك السماوي، الذي هو الله اي الروح.

الكتاب المقدس أيضاً في منتهى الوضوح حول كيفية حدوث الولادة الثانية. فنقرأ في يوحنا الأولى 5: 1 :

رسالة يوحنا الأولى 5: 1
" كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ."

في هذه الفقرة، تقول لنا كلمة الله أنه لكي نولد من الله، فما نحتاجه هو الإيمان من القلب بأن يسوع هو المسيح أي المسيا، المُخَلِّص. استغرق دقيقة في التفكير في هذا. إذا كنت قد وُلِدت من الله فما أنت إذاً؟ ابن لله. ابن أو ابنة لله!! هذا بالضبط أيضاً ما تقوله لنا غلاطية :

غلاطية 3: 26
" لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ."

لكي تصبح ابناً لأحد لابد وأن تكون مولوداً منه. وفي الفقرات السابقة، تعلن كلمة الله أن في الوقت الذي نؤمن فيه بيسوع المسيح نصبح أبناء لله. هل تؤمن من قلبك أن يسوع هو المسيح، المسيا، المُقام من الأموات، ابن الله؟ إذا كان الجواب نعم، فابوك هو الله. هل هناك من هو أقدر من الله؟ بالطبع كلا. فما هو المستحيل بالنسبة له؟ ولا أي شيء، ولكن بسبب الدين أو العادات يعتقد معظم الناس أن الله لا يمكن التقرب منه. وأنه يصبح قريباً قليلاً فقط بعد اتباعهم لطقس معين او القيام بالأعمال الدينية. إذا كنت تؤمن بنفس الشيء، فلابد أن تغير هذا الاعتقاد، مستبدلاً إياه بما تقوله كلمة الله أنك: ابن لله. دعونا نتحدث أكثر عن هذا الأمر. فتقول لنا أشعياء 49: 15:

"هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟"

إذا كان الجواب نعم، فمن أين أتى كل هؤلاء الأطفال الذين يعيشون في الشوارع وفي المؤسسات؟ ولهذا السبب يقول الله:

اشعياء 49: 15
" حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ"

ومع ذلك فالآية لا تتوقف عند هذا. وإنما تكمل قائلة:

أشعياء 49: 15
" وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ"

العديد من الآباء ينسون أبنائهم أو يسيئون معاملتهم. ومع ذلك، فالله لن ينساك. أتعلم لماذا؟ لأنك ابنه وهو يحبك. كما تقول العبرانيين 13: 5:

" لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ. كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّهُ قَالَ:"لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ". حَتَّى إِنَّنَا نَقُولُ وَاثِقِينَ:"الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي إِنْسَانٌ؟""

من قال هذا؟ لست أنا. وإنما الله هو من قال هذا ("لأَنَّهُ قَالَ"). إنه يعد بأن لا يهملك ولا يتركك. قد يتركك أصدقائك، قد تتخلى عنك الحكومة، قد يهملك مُديرك، ولكن الله لن يتركك أبداً لأنك ابنه. إذا شعرت انك منسي او مُهمل ... إلخ، فذلك لأنك تهتم بالأمور الخاطئة. اهتم بالله، أبيك؛ قم بتكوين علاقة مع الله مثل علاقة الاب وابنه وسترى كم ستضيء حياتك بعد ذلك. يمكنك ايضاً بكل شجاعة أن تقول: " الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي إِنْسَانٌ؟"

نستخلص من هذا إذاً: أنه لكي يستطيع الإنسان دخول ملكوت الله، يحتاج أن يولد من فوق (" أن يولد من الروح" أو "يولد ثانية" ، أو "يولد من الله"). هذه هي الولادة الجديدة. ولكي تكون مشاركاً في الولادة الجديدة تحتاج للإيمان، للإيمان الحقيقي الذي هو الإيمان بأن يسوع هو المسيح، المسيا، القائم من الأموات ابن الله.

 2. 2) ماذا حدث يوم الخمسين؟

كما رأينا في مقال "جسد، نفس وروح"، أن آدم فقد الروح يوم أخطأ. فلم تعد الروح متاحة بعد هذا اليوم. ومن ثم، ففي يوحنا 3: 6 يتحدث يسوع المسيح بشكل تنبؤي إلى نيقوديموس، قائلاً أن الإنسان يستطيع أن ينال الروح مرة أخرى. فالوقت الذي كانت الروح القدس ستصبح متاحة فيه مرة أخرة هو يوم الخمسين، قبل نحو 2000 عاماً. لذلك دعونا نقرأ لنرى ما حدث في ذلك اليوم:

الأعمال 2: 1- 4
" وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ، وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا."

ما ذُكِر في الفقرة السابقة هو أول تدفق للروح القدس، والذي حدث في يوم الخمسين. ومنذ ذلك اليوم، أصبحت الروح القدس متاحة مرة أخرى وكل إنسان يعترف بفمه أن يسوع هو الرب ويؤمن من قلبه أن الله أقامه من بين الأموات (رومية 10: 9- 10) يستقبل الروح ويستطيع أيضاً أن يظهر هذا بالتسع طرق المذكورة في كورنثوس الأولى 12: 7- 10. واحدة من تلك الطرق هي التكلم بألسنة وهذا الإعلان هو الذي قد تمت مناقشته في الفقرة السابقة من أعمال الرسل.

2. 3) منذ يوم الخمسين: الروح تسكن فيكم وأنتم هيكل الله.

رأينا فيما سبق انه قبل يوم الخمسين كان الله يضع روحه على الناس. لم تكن تسكن فيهم. وفي الخمسين تغير هذا الوضع تماماً. ومنذ ذلك اليوم، فالإنسان الذي يؤمن من قلبه بيسوع المسيح لا ينال فقط الروح القدس وإنما تسكن فيه أيضاً. كما تقول لنا كورنثوس الأولى 6: 19

كورنثوس الأولى 6: 19
" أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، ...."

أين هي الروح القدس التي استقبلتموها عندما آمنتم بيسوع المسيح؟ إنها تمكث فيكم. إنها ليست عليكم بل فيكم. كما تقول لنا كورنثوس الأولى 3: 16:

" أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟"

مرة أخرى اين تسكن روح الله؟ إنها تمكث فيكم. كما تقول لنا أيضاً " أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ". إذاً فهيكل الله ليس هو الكنيسة التي توجد على ناصية الشارع وإنما هذا الهيكل هو أنتم، أتعرف لماذا؟ لأن روح الله تمكث فيكم . هناك فرق كبير بين أن تكون عليك الروح (قبل يوم الخمسين) وبين أن تمكث فيك الروح (منذ يوم الخمسين). قبل يوم الخمسين، هؤلاء الناس القليلون الذين كانت عليهم روح الله، لم يكونوا هياكل الله للسبب البسيط وهو أن روح الله لم تكن فيهم بل عليهم. وكان هذا هو سبب إنشاء هيكل سليمان. لقد كان مكاناً مؤقتاً لمكوث الرب. ولكن اليوم، ليست هناك حاجة لمزيد من الهياكل المشيدة لأن اليوم، لا يسكن الله في بنايات مشيدة، وإنما في الإنسان المؤمن بابنه يسوع المسيح.

الخــلاصـــــة

نستخلص من هذا المقال: أنه بعد سقوط آدم وحتى يوم الخمسين، أصبحت الروح القدس غير متاحة. وعوضاً عما حدث في يوم الخمسين، عندما كان الله يريد التواصل مع شخصاً، كان عليه أن يضع على هذا الشخص روحه. ولكن، في يوم الخمسين ونتيجة لصنع يسوع المسيح، تغير هذا الوضع تماماً. منذ ذلك اليوم، أصبحت الروح القدس متاحة مرة أخرى، كنعمة، لكل إنسان يؤمن بإخلاص أن يسوع هو المسيح، المسيا، المقام من الأموات ابن الله. بالإضافة إلى أن كل إنسان يؤمن بإخلاص يصير ابن الله أي يصبح مولوداً من فوق أو مولوداً من جديد. ونتيجة لذلك، يستطيع الله مرة أخرى أن يتواصل معنا ونحن نتواصل معه. بالإضافة إلى أن الروح القدس تمكث فينا وليست علينا كما كان الوضع في العهد القديم. ونحن عندئذ، كما يقول بولس في كورنثوس الأولى 3: 16، نصبح " هَيْكَلُ اللهِ" لأن " رُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟"

تاسوس كيولاشوجلو

 



الحواشي

1. في حالة إعطاء مثل هذه الإرشادات، فيتم التكلم بها فقط بشكل تنبؤي عن الفترة التي تلت يوم الخمسين.

2. في الولادة الأولى يكون الطفل محاطاً بالماء ويكون هذا حقاً "مولوداً من الماء".